نهى الله تعالى عن الغلو و التشدد في الدين و نهى النبي صلى الله عليه و سلم عن ذلك في أكثر من موضع فقال صلى الله عليه و سلم “إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين”.
و انما انطلق هذا النهي من مصدر التشريع و لم يكن في يوم من الايام من مطالب البعض مثلا بعد مخالطة شعوب أخرى أو الاطلاع على ثقافاتهم مثلما يحلو للبعض أن يروج أحياناً عن جهل أو حسن نية أو سوء نية في سعيهم لما يسمى الاسلام الحديث !
ان فهم الاسلام كما انزل من مصدر تشريعه يقتضي اللين و حسن الخلق و الدعوة الى الله تعالى بلين و رفق و العلم بأن الله تعالى لو شاء لهدى الناس جميعاً و أنه لا اكراه في الدين و ان على الداعي التبليغ فقط و على الرسول البلاغ أما الاستجابة فهي من عند الله تعالى و من هنا وجب على المسلمين ان لا يتشددوا و لا يغالوا، قال تعالى ” وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ” هود: ١١٨
و في اطار التحدث عن التشدد في الدين يجب أن نحدد حدودا و مفهوما لهذا التشدد ،فليس التمسك بأوامر النبي صلى الله عليه و سلم و شعائر الاسلام تشدداً و ليست الغيرة على الدين و حبه من التشدد، انما الاتيان بما ليس في الدين و ممارسته و فهم سقيم لبعض النصوص و تطبيقها دون معرفة أحوالها أو التمسك ببعض العادات التي ليست من صحيح الدين و الاصرار عليها و التمسك برأي متحفظ أو متشدد فيما فيه آراء موثوقة تقتضي التيسير على الناس في حياتهم هذا هو التشدد المنهي عنه .
و الاسلام في مجمله هو دين يدعو الي الاجتهاد والتجديد يقاوم الجمود ويؤمن بمواكبة التطور وأن الشريعة لا تضيق بجديد ولا تعجز عن ايجاد حل للمشكلة وانما العجز في عقول بعض المسلمين، هؤلاء الذين ظن بعضهم أن التشريع و الاجتهاد يقف عند زمن معين،و الاجتهاد مفتوح طالما كان هذا الاجتهاد في امور غير قاطعة الثبوت و في اطار الخطوط العريضة للاسلام .
و في النهاية ففهم الاسلام الصحيح هو أنه إسلام يتسم بالوسطية في كل شئ يجعلها من خصائص أمته الأساسية “وكذلك جعلناكم أمة وسطا ” يمثل التوازن الايجابي في كل المجالات اعتقادية وعملية مادية ومعنوية ، و عليه فان ما يفعله بعض ابنائه من تشدد في بعض المسائل ماهو الا خروج عن هذه القاعدة التي أقرها الله تعالى لهذا الدين و لأتباعه .