العدل في الاسلام من صفات الله تعالى و هذا من مكانة العدل الرفيعة في الفكر الاسلامي، و العدل في الاسلام فريضة واجبة على الحكام نحو الرعية و المحكومين و العدل في المعاملات بين الرعية بعضهم البعض و بين المسئولين و من تحتهم أمر الله تعالى به و حض عليه في اكثر من مرة في القرآن الكريم حيث يقول تعالى ” و اذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل ” النساء 58 و يقول أيضاً ” إن الله يأمر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذي القربى ” النحل 90
و مفهوم العدالة في الاسلام مفهوم شامل يتضمن المساواة بين الناس في الحقوق و الواجبات و اعطاء كل ذي حق حقه و هذا المبدأ تقرر في العقيدة الاسلامية على أكمل وجه، فاعتبر المسلمين اخواناً متساوين في الحقوق و الواجبات و كل منهم مسئول أمام الله تعالى العدل عما فعله و ما قدمت يداه حيث يقول تعالى ” من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون الله ولياً ولا نصيراً ” النساء 123
و لم يفرق الاسلام بين رجل و امرأة غني او فقير حاكم أو محكوم ولا فضل بين الناس إلا بالعلم والتقوى حيث يقول تعالى ” إن أكرمكم عند الله أتقاكم ” الحجرات 13 ، و لم يفرق بين أبيض و أسود أو عربي و أعجمي و يدلل لذلك ما روي عن تشاحن اثنين من الصحابة فقال أحدهم للآخر ” يابن السوداء ” .. فشكا لرسول الله صلى الله عليه و سلم .. فقال ” أعيرته بأمه ؟! إنك امرؤ فيك جاهلية “.
و التاريخ الاسلامي قاطباً ليشهد على تطبيق العدل في مجمله، و يدلل لذلك كمثال حكم عمر بن الخطاب رضي الله عنه الخليفة الذي اشتهر بعدله عندما شكا اليه مصري سوء معاملة ابن عمرو بن العاص له و ضربه اياه و قوله له ” أنا ابن الاكرمين ” نجد أن عمر العادل يدعو ابن الأكرمين هذا و أباه و هو حاكم مصر ذاك الزمن، و يأمر المصري المظلوم ان يضرب ابن الاكرمين كما ضربه بل و يأمر بضرب ابن العاص ان كان قد ضربه هو أيضاً فيأبى الرجل لان ابن العاص لم يضربه .. ثم ينظر الخليفة العادل عمر إلى عمرو بن العاص و يقول قولته الشهيرة ” متى استعبدتم الناس و قد ولدتهم امهاتهم أحراراً ” ، كان هذا موقفاً وقف فيه الحاكم الذي تربى في مدرسة الاسلام بجانب المظلوم ليحق الحق و يبطل الباطل و يحكم بالعدل الذي امر الله به .
كان الاسلام و العدالة وجهان لعملة واحدة، بل و يمكننا القول ان الاسلام كان أحد أهم أهدافه هو احقاق العدالة و نشرها و إن كان العدل في الاسلام يحتاج إلى بحوث و رسائل و ليس إلى مقالة قصيرة لكي تكشف عنه و تبرزه .