خبير اقتصادي يُطالب الحكومة والرئيس بإلغاء قرار تعويم الجنيه ويكشف عن الأسباب الكارثية لطلبه

خبير اقتصادي يُطالب الحكومة والرئيس بإلغاء قرار تعويم الجنيه ويكشف عن الأسباب الكارثية لطلبه

قال الصحفي والخبير الاقتصادي “ياسر مشالي”، ما الذي يمنع حكومة أو رئيسا من التراجع عن قرار اتخذوه لصالح الشعب ؟، مطالبا بإلغاء قرار تعويم الجنيه المصري، الذي اتخذته الدولة في الثالث من شهر نوفمبر من العام المنقضي 2016، لما له من أضرار وقعت على الشعب المصري.

ووصف “مشالي” من خلال مقال كتبه بجريدة الوطن، تحت عنوان “شجاعة إلغاء التعويم قبل فوات الأوان”، تحرير سعر صرف العملة المحلية بالقطار الذي دهس المصريين، لما له من أضرار كارثية وقعت على الشعب المصري، وخاصة الارتفاع الجنوني لأسعار السلع.

وأضاف “أن البيان الذي أصدره البنك المركزي ونشر في حينه، لم يكن دقيقاً، حيث أكد أن القرار يشمل تعويماً مشروطاً ومحدداً بسقف، وليس تعويماً كاملاً كما شاهدنا، فإذا قامت الحكومة بتحديد سقف سعري للجنيه مقابل الدولار، ربما كان ذلك عاملاً مهماً في إيقاف الغلاء عند حده بعد أن حوله التعويم إلى وحش كاسر ينهش أرزاق المصريين”.

وكان “طارق عامر” محافظ البنك المركزي المصري، قد قام بتحرير سعر الصرف “تعويم الجنيه”، أمام العملات الأجنبية بتعاملات البنوك المحلية، في الثالث من شهر نوفمبر الماضي.

نص مقال الصحفي والخبير الاقتصادي “ياسر مشالي” بجريدة الوطن.

قال لى: «وما الذى يمنع حكومة أو رئيساً من التراجع عن قرار اتخذوه لصالح الشعب، ثم تبين أنه ضد مصالح غالبية الشعب فتم إلغاؤه»، قلت لصاحبى الفيلسوف وأنا أجاريه فى مباراة فكرية صعبة: لا يوجد ما يمنع.

قال: ولماذا لا تطرح على القيادة السياسية من خلال منبر «الوطن» فكرة دراسة إلغاء قرار تحرير سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأمريكى، المعروف بـ«تعويم الجنيه». قلت: «موافق، لأن إلغاء القرار سيكون فى صالح الغالبية الساحقة من المصريين، الذين دهسهم قطار التعويم، خاصة أن البيان الذى أصدره البنك المركزى ونشر فى حينه، لم يكن دقيقاً، حيث أكد أن القرار يشمل تعويماً مشروطاً ومحدداً بسقف، وليس تعويماً كاملاً كما شاهدنا، فإذا قامت الحكومة بتحديد سقف سعرى للجنيه مقابل الدولار، ربما كان ذلك عاملاً مهماً فى إيقاف الغلاء عند حده بعد أن حوله التعويم إلى وحش كاسر ينهش أرزاق المصريين وينتزع منهم أى أمل فى جملة: «بكرة أحلى».

بمنطق «السياسى»، كل شىء يخضع لحسابات المكسب والخسارة، وأيضاً حسابات الأمن القومى للبلاد، فليس معنى أن الغضب الشعبى من الغلاء العظيم الذى لم تشهد له مصر مثيلاً، ما زال «مكتوماً»، أنى كسياسى أو صانع قرار، أظن أن هذه «أمارة» عن الرضا، أو أرفع شعار «ليس فى الإمكان أبدع مما كان»، فالسياسى الذى يرفع هذا الشعار، فى الحقيقة هو يرفع لافتة كبيرة مكتوباً عليها «أعترف بأن هذه بداية نهايتى».

مصطفى باشا النحاس، وكان وقتها زعيم الأمة «بلا منازع» وقَّع مع حكومة الاحتلال الإنجليزى معاهدة 1936، ورغم المزايا التى حملتها بنود المعاهدة ومنها انتزاع أول اعتراف رسمى من بريطانيا العظمى باستقلال مصر، ورحيل كل قوات الاحتلال البريطانى من مختلف المدن المصرية وبقاؤها فقط فى منطقة قناة السويس، وغيرهما من المزايا، إلا أن النحاس باشا عاد فى 8 أكتوبر 1951 وألغى هذه المعاهدة، وذلك على خلفية اندلاع مظاهرات واحتجاجات شعبية عارمة طالبت بطرد قوات الاحتلال والاستقلال الفورى عن بريطانيا العظمى وإلغاء المعاهدة التى رأى الكثيرون أنها تعترف بشرعية الاحتلال، وقال قولته الشهيرة مخاطباً أعضاء مجلس النواب: «من أجل مصر وقعت معاهدة 1936 ومن أجل مصر أطالبكم بإلغائها»، ليوافق البرلمان على إلغاء المعاهدة وهو ما أصاب بريطانيا العظمى بصدمة كبرى.

إن قرار التعويم أو أى قرار يصدره رئيس الجمهورية أو مجلس الوزراء ليس نصاً مقدساً أو «شيك على بياض»، هو مجرد محاولة لحل مشكلة أو أزمة أو دفع عجلة الإنتاج، ومهما كان هذا القرار الحكومى، فإن غايته تصب فى خانة «إسعاد الشعب»، لكن إذا ثبت أن القرار أعطى مردوداً سلبياً ضد غالبية هذا الشعب، وقد ثبت أن التعويم أضرها ضرراً لا يحتمل، فإن التراجع عن هذا القرار يصبح فضيلة، وإلغاءه شجاعة تعكس قمة الوطنية لصانع القرار الذى يرعى «مصالح الشعب» ويضعها دائماً نصب عينيه.