لماذا الدينار الكويتي أغلى عملة في العالم

لماذا الدينار الكويتي أغلى عملة في العالم
لماذا الدينار الكويتي أغلى عملة في العالم

يتساءل الكثير من المتابعين للاقتصاد عن سبب ارتفاع سعر الدينار الكويتي ليكون أغلى عملة في العالم.

وللإجابة على هذا السؤال لابد من افتراض مثلًا لو قمنا بالمقارنة بين وزن شخصين الأول شخص سمين، والشخص الثاني قوي فقط لكنه أقل وزنًا، بالطبع وزن السمين أكبر من القوي. لكن هل معنى ذلك أن السمين هو الأفضل؟ الإجابة غير صحيح.

وكذلك نفس الفكرة يمكن تطبيقها على قيمة الدينار الكويتي أمام الدولار. فالدينار الكويتي هو الأغلى قيمة على مستوى العالم بين العملات. لأن واحد دينار = 1.3 دولار ولكن هذا لا يعني أن عملة الدينار الكويتي هي الأقوى.

كيف يمكن تحديد قيمة العمات وتسعيرها ؟

لابد من معرفة أن تحديد قيمة العملات وتسعيرها يرجع بالأساس إلى للإدارة المالية والاقتصادية في الدولة. يعني على حسب السياسة النقدية التي تتبعها الدولة يتم اتخاذ قرار تسعير قيمة العملة.

تعرف على البنوك التي يمكنك تغيير منها الدولار وأي عملة أخرى عبر ماكينة الصراف الآلي في مصر

سواء كان هذا القرار بارتفاع القيمة أو انخفاضها. والأسواق المالية من ناحيتها ترد على قرار الدولة. حتى لو تم تحديد قيمة العملة بـ 10 دولار. فالسوق سيتدخل ويفرض كلمته.

البنك المركزي الكويتي يحدد سعر الدينار الكويتي وفق سياسة الدولة العامة

يعني مثلًا في مصر قيمة الدولار تصل لـ 15 جنيه ونصف. لماذا لم نظل عند 8 جنيهات قبل تعويم الجنيه في نوفمبر 2016. والسبب ببساطة لو كانت الحكومة قررت أن يكون السعر بـ 8 جنيه مع النقص الشديد في النقد الأجنبي وضعف الاقتصاد المصري، لساءت الأمور وحصل مضاعفات خطيرة في الاقتصاد مثل:

(1) توحش السوق السوداء وارتفاع سعر الدولار فيها بأضعاف السعر الرسمي.

(2) تراجع الاستثمارات لعدم اليقين من المستثمرين لحساب مكاسبه وخسائره في ظل سعري الصرف للدولار.

(3) الحكومة نفسها ستتحول إلى إحدى زبائن السوق السوداء لأنهم يحتاجون الدولار لشراء قمح وسلع أساسية.. إلخ كما حدث في السودان، حيث نزل سعرين لصرف الدولار الفرق بينهما يصل لقيمة 100% تقريبًا.

الدينار الكويتي أغلى عملة في العالم، والدينار البحريني ثاني أغلى عملة في العالم.. ما السبب؟

البنك المركزي الكويتي ببساطة هو الذي وضع قيمة عملة الدينار الكويتي بهذا الرقم، لذلك اتبع نظام سعر الصرف الثابت.

يعني الدينار لا يتأثر بالطلب ولا بالعرض. والسبب وراء ذلك زيادة الأرباح من النفط بحيث الدولار الذي يأتي من الخارج تستطيع تغييره بالدينار برقم 3.3 دولار. ويمثل البترول عند الكويت 95% تقريبًا من عائدات التصدير والدخل الحكومي.

يأتي هنا سؤال: حينما تزيد قيمة العملة الصادرات الخاصة بالبلد تقل لأن بضائعها تصبح باهظة الثمن؟

هذا صحيح، ولكن في السلع والخدمات الغير مسعرة عالمية مثل النفط والقمح.

يعني لو أن الكويت تمتلك برميل نفط برنت ستبيعه بـ 80دولار على سبيل المثال، ولو أن فنزويلا تمتلك برميل نفط برنت ستبيعه بـ 80 دولار على الرغم أن الدولار الواحد يساوي 250 ألف بوليفار فنزويلي.

والكويت لا تصدر أي شيء يذكر غير النفط ففي عام 2017 صادرات الكويت غير النفطية وصلت لـ 440 مليون دولار، وهذا نفس مقدار القيمة التصديرية لمحافظة الاسماعيلية في مصر من الخضار والفاكهة كل عام.

بالتالي الكويت لا تحتاج خفض سعر الدينار الكويتي لكي تقلل صادرتها في الخارج.

سعر الدينار الكويتي لن يظل هو الأغلى دائمًا لأن المستقبل مختلف اقتصاديًا
سعر الدينار الكويتي لن يظل هو الأغلى دائمًا لأن المستقبل مختلف اقتصاديًا

بالتالي القيمة الحالية لسعر الدينار الكويتي مقابل الدولار مناسبة للوضع الاقتصادي الكويتي.
لأن ميزان المدفوعات الكويتي به فائض ضخم، ولديهم تدفق نقدي ضخم وهائل يزيد عن 50 مليار دولار.

ولأن الكويت صغيرة الحجم وعدد سكانها 4.5 مليون نسمة فقط ( كويتيين وأجانب) وبالتالي اقتصاد الكويت صغيرًا.

هل وضع الكويت اقتصاديًا سيظل مستمرًا للأبد؟

في الواقع لا. لأن هناك تغيرات كبيرة في المستقبل. فسياسة الاعتماد على النفط وحدها من أكبر الأخطاء التي ترتكبها.

لأن العالم بدأ يشهد بدائل للوقود الأحفوري. والغرب يبحث عن وسائل بديلة وآمنة متجددة المصدر للطاقة مثل الكهرباء من الطاقة الشمسية والمياه.

العالم أجمع حاليًا يتجه إلى مصادر الطاقة النظيفة وتم تصنيع:

(1 ) سيارات كهربائية.

(2) قطارات تسير بالطاقة الهيدروجينية في ألمانيا.

(3 ) الطلب على البنزين في الولايات المتحدة الأمريكية ثابت منذ فترة طويلة رغم ضخ ملايين السيارات سنويًا.

فالمخاوف موجودة من شركات النفط نفسها، فأحد التنفيذيين في شركة ( شيل) قال إن الطلب على النفط سيصل إلى الذروة في 5-15 عامًا في المستقبل.

أي أن منحنى الطلب على النفط سيبدأ رحلة الهبوط التاريخية.

يعني أن هناك تغييرات عميقة تحدث في سوق الطاقة العالمي. وبالتالي سياسة الاعتماد على النفط لابد أن تتغير وتبدأ الكويت تنوع الاقتصاد الخاص بها وإلا القيمة العالية للدينار الكويتي لن تظل كما هي.

لذلك سيأتي زمان والبنك المركزي الكويتي سيضطر للتخفيض من قيمة الدينار. طالما هناك تغيرات تحدث في السوق العالمي.