نشر المحلل الاقتصادي هاني جنينة تحليلًا اقتصاديًا رائعًا على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي ” فيسبوك”، لما يمر به البنك المركزي المصري في الوقت الحالي، يقول فيه:
١- خلال القرن ال١٨ و ال١٩ و ال٢٠ حتي ١٩٧١، كان اصدار البنكنوت في معظم دول العالم الاول مرتبط بتوافر الذهب كغطاء رسمي. فاذا ما زادت اكتشافت الذهب عن طريق التنقيب او عن طريق التدفقات من دول أخري أو استعمار، زادت قدره البنوك المركزيه علي اصدار البنكنوت. لذا، حرفيا، كان اصدار البنكنوت مرتبط بتوافر ماده خام – الذهب.
تعرف على أقوى جيش عربي الذي تفوق على إسرائيل وإيران
٢- و حتي اوئل القرن العشرين، كان لزاما علي معظم البنوك المركزيه في الدول العظمي استبدال البنكنوت بالذهب اذا ما طلب حامل البنكنوت ذلك. في الولايات المتحده الامريكيه، كان سعر الاونصه (٣١ جرام) مثبت عند حوالي ٢٠ دولار.
٣- في ١٩٧١ انتهي استخدام الذهب كماده خام (او كما يسمي غطاء) لاصدار النقد في الدول العظمي لعدم كفايته في تغطيه نفقات الحروب المتتاليه. كبديل، اصبح اصدار النقد مرتبط بتمويل عجز الموازنه للدوله. فبدلا من اصدار دولار لشراء الذهب ،يتم إصدار الدولار لشراء اذون و سندات الحكومه كبديل. و اصبح القيد الوحيد علي حجم اصدار العمله هو الحفاظ علي قيمتها الشرائيه علي مدار الزمن و الا فقد الناس الثقه فيها و يتوجهون لاقتناء اصول ثابته او معادن نفيسه كبديل.
٤- هذا التحول التاريخي رفع من قدر الدولار الامريكي ليصبح بديلا للذهب الخالص. و لذا فبدأت الدول حديثه الاستقلال من الاستعمار في اصدار عملاتها المحليه باستخدام الدولار الامريكي او الجنيه الاسترليني كماده خام لاصدار البنكنوت. وجود العمله الصعبه كماده خام كان هدفه اضفاء قيمه لهذه العملات الجديده عن طريق تمكين حاملها من تغييرها الي دولار او جنيه استرليني اذا ما اراد بسعر ثابت او بسعر قليل التذبذب علي الاقل.
٥- في مصر، و نظرا لتبني الدوله سياسه تهدف الي تثبيت أو الحفاظ علي استقرار سعر الصرف مقابل الدولار، تم أيضا اعتماد الدولار (و بعض العملات الصعبه الأخري) لتكون الماده الخام الاصليه لاصدار النقد. لذا، يصدر البنك المركزي المصري السيوله بالجنيه المصري كمديونيه عليه لشراء فوائض ميزان المدفوعات من البنوك.
٦- مديونيه البنك المركزي – او ما يسمي باصدار النقد كما ذكر سابقا – تصبح هي السيوله القابله للاقراض لدي البنوك بعد ان يضخها المركزي في البنوك لشراء الدولار،
10 أماكن لا يمكنك أن تهرب من دفع البقشيش في مصر
٧- السيوله القابله للاقراض لدي البنوك – عند اقراضها – تصبح مديونيه علي الشركات والافراد و الحكومه،
٨- مديونيه الشركات و الافراد و الحكومه تمول مصروفات جاريه او شراء اصول او تقديم تسهيلات في الدفع للعملاء -اي تمول استهلاك و استثمار،
٩- الانفاق بغرض الاستهلاك و الاستثمار يترجم جزئيا الي واردات من سلع و خدمات للان مصر لا تنتج كل ما تحتاج من سلع استهلاكيه، مواد خام و سلع رأسماليه،
١٠- لو لم يؤدي الاستثمار الي زياده في التصدير أو الاستغناء عن الاستيراد لزياده تدفق الماده الخام لاصدار النقد بصوره مستدامه، و بالتوازي تضخم حجم الاستهلاك الممول باصدار الجنيه المصري، سيتحول فائض ميزان المعاملات الجاريه في ميزان المدفوعات – و الذي يسجل عمليات التصدير و الاستيراد من السلع و الخدمات و تحويلات العاملين بالخارج – من فائض الي عجز.
١١- و لو اعتمد علي ديون خارجيه لاصدار النقد قد يعرض البلاد الي كارثه في حال التوقف المفاجئ لهذه التدفقات او تراكم طلبات الدائنين لاسترداد اموالهم.
١٢- و لكن الكارثه هي ان يعتمد علي اصدار النقد لشراء اذون الخزانه (الماده الخام المغشوشه) لأن حجم النقد بالجنيه المصري سيتضخم بدون و جود الماده الخام الأصلي
هنا يواجه البنك المركزي و الحكومه مساريين لا ثالث لهما:
اولا، الاستمرار في استخدام الماده الخام المغشوشه لدعم نمو غير مستدام – وقتي – لارضاء الرأي العام:
أفضل السيارات لتتعلم عليها القيادة أسعارها في سوق المستعمل
في هذه الحاله، يصدر البنك المركزي النقد بدون وجود غطاء دولاري عن طريق شراء اذون الخزانه كماده خام بديله أو مغشوشه، تستمر الخطوات من ٦ الي ١٠ علي نفس الوتيره وًيتم تمويل الزياده في الاستيراد عن طريق استنزاف الاحتياطي من العملات الصعبه حتي يسنزف الاحتياطي بالكامل و ينهار سعر الصرف بدون توقف و تتكبد المؤسسات المقترضه بالدولار داخل الدوله خسائر فادحه قد تؤدي الي افلاسها. و يستمر هذا السيناريو حتي يفقد المواطن الثقه في العمله المحليه و القطاع البنكي و تبدأ عمليه دولره و شراء للاصول الثابته واسعه النطاق للتخلص من النقد المحلي قبل انهياره بالكامل.
ثانيا، استحداث ركود غير مستدام للحفاظ علي الاحتياطي حتي تعافي تدفقات الماده الخام الاصليه لدعم نمو مستدام
يتوقف البنك المركزي عن اصدار النقد لتمويل عجز الحكومه حتي يحدث شح في السيوله و تباطوء او توقف تام في الخطوات من ٢٦الي ١٠ لوقف نزيف الاحتياطي و استقرار سعر الصرف، و بالتوازي، و بما ان البنك المركزي توقف عن اقراض الحكومه، فاول خطوه في الاصلاح او الخطوه الموازيه هي خفض عجز الموازنه حتي لا تضطر الحكومه الي الاقتراض المفرط في المقام الأول. و بالتوازي، تتوجه كل طاقات البنك المركزي و الدوله الي دعم التصدير و دعم البديل المحلي للسلع المستورده حتي تتوفر الماده الخام الأصليه اللازمة لاصدار النقد و دعم النمو المستدام مره أخري.
لا بديل للماده الخام الأصلي لإنتاج الجنيه المصري. وهو الدولار.
https://www.facebook.com/hany.genena.9/posts/10158726775740576?pnref=story