لا يزال الحصار مستمراً على المواطن المصري، فالحكومة تدعو وتطالب بالتقشف وإتخاذ إجراءات للحد من سقف الإنفاق، بينما يعاني المواطنون من تدني الأجور وإرتفاع الأسعار يوماً بعد يوم، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه دائماً، كيف سيستطيع البسطاء ومحدودي الدخل الصمود أمام كل تلك التحديات.
وبلغة الأرقام فإن تقريراً هاماً صدر عن جهاز الإحصاء كشف أن معدل التضخم في شهر مايو الماضي قفز إلى 12.9%، وهي أعلى نسبة وصل إليها معدل التضخم منذ يوليو 2014، بزيادة 3.2% دفعة واحدة عن شهر إبريل 2016، وقد ترتب على ذلك إرتفاع ملحوظ في الإأسعار دفع العديد من المواطنين إلى إتخاذ إجراءات تقشفية في محاولة للتأقلم على تلك الأجواء الإقتصادية.
فيما تقدر الأجور التي يتقاضاها المواطنون في عدد كبير من القطاعات بالدولة بأقل من الحد الادنى للأجور والمقدر بـ 1200 جنيه، هذا بجانب إرتفاع أسعار الأدوية والأطعمة والغاز، علاوةً على زيادة فواتير الكهرباء تمهيداً لإلغاء الدعم نهائيا عن المنتجات الإستهلاكية والبترولية على مدار 5 سنوات رغم أن الإحصائيات الرسمية تؤكد أن 40% من المصريين تحت خط الفقر.
وقد إستنكر الخبير الإقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الإستراتيجية والإقتصادية الدكتور رشاد عبده، الدعوات التي تنادي بالتقشف واصفاً إياها بالجوفاء التي لن تساهم في تطوير الإقتصاد المصري المتدهور في الوقت الحاي، موضحاً أن البرلمان أولى به أن يبدأ في التقشف والحد من نفقاته ونفقات نوابه بعد أن تضاعفت ميزانيته.
وأشار عبده إلى أن مبادرة الحكومة الخاصة بالتقشف “هزلية” خاصةً وأن الشعب المصري “نشف” من كثرة التقشف على حد قوله، وما يزيد عليه الأمر صعوبة هوا الإرتفاع المتزايد في أسعار السلع والخدمات كالكهرباء والغاز ومتطلبات الحياة اليومية، كما أن الراتب الحكومي الشهري لم يعد كافياً، وهو ما يضطر المواطن للدخول في الجمعيات واللجوء إلى نظام الأقساط التي تزيد من معاناته، وتسائل عبده عن الدور الذي لعبه البرلمان في محاسبة محافظ البنك المركزي الحالي الذي تسببت قراراته الخاطأة في العديد من الأزمات الإقتصادية لمصر كإرتفاع سعر الدولار،
من جانبه قال الدكتور أحمد مهران أستاذ القانون الإقتصادي، أن سياسة التقشف تلجأ إليها الحكومة عندما تعجز عن وضع خطة للنهوض بالإقتصاد، متعجباً من تأييد الحكومة الحالية لفكرة التقشف على الرغم من علمها بأنه لن يقدم أو يأخر شيئاً.
وأضاف مهران “المواطن بيسأل الحكومة أكتر من كده تقشف إيه؟”، متسائلاً ماذا قدمت الحكومة المصرية للمواطن حتى يتقشف، فوزير التموين يقيم في فندق سميراميس وينفق فيه مئات الملايين، وأعضاء الحكومة يتنافسون فيما بينهم في شراء السيارات الفارهة والفيلل بينما يستقطع من المواطن البسيط ضرائب وغيره لسداد ديون مصر.
وبعيداً عن كلام الخبراء الممزوج ببعض الرسمية، ننتقل إلى آراء بسطاء المواطنين في الشارع المصري ومنهم “سعد الجندي” الذي أكد أنه مستعد لتنفيذ سياسة التقشف التي دعت إليها الحكومة، شريطة أن يكون التقشف على الوزير والنائب قبل الفقير، ففي تلك الحالة لن يكون هناك مشكلة في التقشف، لكن حصر التقشف لجعله على البسطاء فقط سيؤدي إلى كارثة، إذ يجب على الحكومة أن تبدأ بنفسها وتتقشف وحينها سيحترمها كافة الشعب وسيتقشف.