بعد أن ثارت الأقاويل عن خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي فقد تحقق ذلك الأمر بالفعل، حيث أصبحت الأقاويل حقيقة ملموسة، عندما صوتت بريطانيا بالفعل لصالح الخروج من عضوية الإتحاد الأوروبي بشكل نهائي بعد مرور 43 عاماً من العضوية. وذلك في قرار مصيري وتاريخي سوف ينتج عنه توابع و تداعيات على سياسة بريطانيا الداخلية وكذلك الإتحاد الأوروبي نفسه، ولقد صوت المواطنين البريطانيين بنسبة 51.9 % على خروج المملكة المتحدة من الإتحاد الأوروبي، مقابل نسبة 48.1 % رغبُوا في البقاء ضمن الإتحاد الأوروبي، وقد جاء ذلك وفق ما صدر عن النتائج النهائية التى أعلنتها اللجنة الإنتخابية .
ولقد إنتهى بذلك زلزال الخروج التاريخى لبريطانيا من الإتحاد الأوروبي، ولكن لا يزال توابعه مستمرة، وقد يطول تأثيرها لمدة طويلة، حيث قضى الإنجليز وقتهم بعد نتيجة الإنفصال عن الإتحاد فى تساؤلات شغلت عقولهم عن “ماذا بعد” ولجئوا إلى البحث عن إجابة لهم عن طريق محرك البحث الشهير “جوجل” حيث أشارت شركة جوجل أن أكثر الأسئلة التى كتبها الإنجليز على مؤشر البحث بعد إعلان النتيجة هى ماذا يُعنى الخروج من الإتحاد الأوروبي.
ولقد تسبب الإنفصال البريطاني عن الإتحاد الأوروبي بعد أكثر من أربعة عقود صدمة داخلية للمجتمع البريطاني الذي من الغريب أن يسأل عن ما هو الإتحاد الأوروبى وما عدد الدول المنضمة له وما هى تلك الدول وماذا سوف يحدث بعد الإنفصال عنه، بالإضافة إلى القلق الذى دخل إلى الإتحاد ودول أوربا بعد هذا الإنفصال البريطاني.
مما لا شك فيه أن بريطانيا تعتبر من أهم وأقوى الدول على مستوى العالم وتحتل مكانة قوية عالمياً وأوروبياً ، وتعتبر بريطانيا أحد الأعمدة الرئيسية فى الإتحاد الأوروبى ويحتل إقتصادها المركز الخامس عالمياً وتعتبر أيضاً مركز أوروبا المالى وصاحبة النصيب الأكبر من الإستثمارات الأوروبية المباشرة.
أسباب خروج بريطانيا من الإتحاد الأوربي
و في الحقيقة السبب وراء إنفصال بريطانيا عن الإتحاد الأوربي هو أنه في وسط كل ماتحظى به بريطانيا من مكاسب كثيرة أتت من عضويتها للإتحاد الأوروبي، إلا أنه يبقى ذلك الشعور الدفين بالإنفراد وعدم الإنتماء حاضراً لدى الشعب البريطاني حتى أنهم يكتبون على إعلانات وكالات السياحة لديهم في بريطانيا مقولة “رحلات إلى أوربا ” على أساس أنهم يقطنون قارة أخرى.
وقد ذكر التاريخ أن بريطانيا تمسكت على الدوام بمسافة فاصلة بينها وبين باقي أوروبا حتى إنضمامها للإتحاد الأوربى جاء متأخراً بعد رفض أولي لها، حيث كان الإعلان عن تأسيسه فى عام 1957 كتَكَتُل إقتصادي، ولكن أحجمت بريطانيا وقتها عن حجز مكان لها ضمنه، ولم تعدل عن موقفها سوى في عام 1973 أى بعد مرور 16 عام تقريباً، ولكن بعد سنتين فقط ظهرت أزمة ثقه قادت لإستفتاء Brexit الأول ولكن جاءت النتيجة في ذلك الحين بترجيح كفة مؤيدى البقاء بنسبة 67% من أصوات الناخبين.
كما رفضت لندن الإنضمام من قبل إلى إعتماد عملة اليورو و هي عملة دول أوروبا الموحدة، و تمسكت بعملتها الوطنية الجنيه الإسترليني، ومروراً بأزمة اللاجئين والتخبط الأوروبى في حلها، مما يجعل مؤيدون إستفتاء Brexit الثانى يعزفون على الوتر الثقافى مهددين بزوال الهوية والخصوصية البريطانية.