ربما لم يكن الرئيس عبد الفتاح السيسي يعلم خلال إلقاء خطابه نهاية شهر يونيه الماضي، الذي قد أعلن فيه رفضه الموازنة العامة للدولة بسبب زيادة نسبة العجز، في خطاب آخر للرئيس عبد الفتاح السيسي أعلن نهاية الشهر الماضي، أنه قد أبلغ رئيس الوزراء رفضه لاعتماد الموازنة العامة للدولة بالنسبة للعام المادي الجديد بسبب أرتفاع عجز الموازنة، طالب من المصريين قبول إجراءاته الصعبة .
وبعدها بأيام معدودة أصدر رئيس الوزراء قراراً بزيادة أسعار الوقود، بنسبة تتراوح ما بين 7% الى 175%، محاولاً لتقليل مخصصات دعم المواد البترولية، التي يضيع بها حوالي 25% من مصروفات مصر السنوية، وهذا يؤدي في النهاية إلى ارتفاع العجز بين كل من الإيرادات والمصروفات .
بعد هذا القرار توقع المصريين أن ترتفع معدلات التضخم بشكل كبير، وتشهد الأسواق في الفترة القادمة موجة من الغلاء، مع أهمية الوقود لتحديد أسعار البيع للسلع، أعلنت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة الأساسية بنسبة تعادل 1% في خطوة اعتبرتها وكالات عالمية مفاجأة للأسواق .
هشام رامز الذي تولى مسؤولية الصرح الأهم في النظام الاقتصادي المصري بعد استقالة فاروق العقدة في شهر فبراير لعام 2013، أتخذ خطوة من شأنها إعادة اللعبة للمربع من جديد، برغم منطقية الخطوة التي اتخذها هشام رامز، والتي يسعى من خلالها لتوقف الارتفاع المتوقع في المستوى العام للأسعار عن طريق حث المواطنين على تخزين أموالهم في البنوك المصرية، وإجبار المستثمرين على تقليل الطلب على القروض، مما يقلل الطلب على السلع رغبة في تقليل الأسعار، إلا أن هذا القرار جاء مخالفاً لخطط السيسي الاقتصادية .
طلب الرئيس عبد الفتاح السيسي تخفيض عجز الموازنة الذي يرفع الدين على الدولة، لذلك رفعت الحكومة أسعار الوقود لتقليل المصروفات، ولكن جاء قرار البنك ليهدد زيادة مضاعفة في العجز والديون، فالزيادة في الأسعار الفائدة الأساسية تعني أن يرتفع العائد المطلوب بشكل تلقائي على أدوات الدين الحكومية، والتي تطرحها الحكومة يومياً، وهذا ما يعني ارتفاع مخصصات سداد فوائد وأقساط الديون .
بالتالي ارتفاع المصروفات و أتساع العجز يدل على أن ما حدث هو تقليل ما ينفق على الدعم وزيادة ما ينفق على الديون، وعقب القرار كشفت بلومبيرج أن وزارة المالية عجزت عن الحصول على 4.2 مليار جنيه من بين أذون وسندات خزانة، لتقبل بنسبة أقل من 20% من هذا المبلغ بعد أن طالب المستثمرون بعائد مرتفع أعلى من العام الماضي .
وأرتفع العائد على سندات الخزانة لآجل ثلاثة سنوات بنحو 128 نقطة أساسية يعادل 1.28% ليصل الى 13.97% ، بنما أرتفع العائد على السندات آجل 7 سنوات الى 125 نقطة أساسية، ليصل العائد الى 15.781% وهو أعلى مستوى منذ شهر يوليو العام الماضي .
بينما قرار هشام رامز لم يكن مخالف للمنطق، فهو يسعى جاهداً لتفيض التضخم التي تهتم البنوك المركزية بمحاربتها، لكنه لم يخدم خطط السيسي التي دفعته لقرار قد يهدد أسمه وشعبيته في الدولة .