استراتيجية فعّالة كيف تتحول مصر إلى مركز إقليمي لتصنيع زيوت الطعام 5 خطوات أساسية
تعد زيوت الطعام من العناصر الأساسية التي لا غنى عنها في النظام الغذائي للمصريين، حيث يتم استهلاكها بكثافة. على الرغم من ذلك، تواجه مصر تحديات كبيرة في تحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا القطاع، إذ تستورد أكثر من 90% من احتياجاتها المحلية. يأتي هذا الأمر بسبب عدم كفاية المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية التي تلبي الطلب المتزايد.
ارتفاع معدلات استيراد زيوت الطعام في مصر
تشير التقارير إلى أن معدل استيراد زيوت الطعام في مصر يمثل ظاهرة متزايدة مثيرة للقلق. فقد أكدت جمعية خبراء الضرائب المصرية أن الحاجة لاستيراد 96% من الزيوت الخام تعكس الوضع الاستثماري والاقتصادي على مستوى القطاع. ويظهر هذا بوضوح تأثير ذلك على أسعار السوق المحلي، مما دفع الحكومة المصرية إلى اتخاذ خطوات استراتيجية تهدف إلى زيادة نسبة الاكتفاء الذاتي. لتحقيق ذلك، تسعى الحكومة إلى تقديم حوافز ضريبية وائتمانية لتعزيز الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات في هذه السلعة الأساسية.
في سياق متصل، أوضح أشرف عبد الغني، مؤسس الجمعية، أن مصر كانت قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي من زيوت الطعام حتى أواخر سبعينيات القرن الماضي، حينما كان يتم التركيز بجدية على زراعة القطن، إذ كانت بذور القطن تسهم في تلبية حوالي 70% من الاستهلاك المحلي. ولكن مع الزيادة السكانية السريعة وتدهور مساحة الأراضي الزراعية، انخفضت المساحة المزروعة بالقطن بشكل كبير، مما أدى إلى عدم التوازن بين إنتاج واستهلاك زيوت الطعام.
زيادة المساحة المخصصة لزراعة المحاصيل الزيتية
تعتبر رؤية مصر 2030 خطوة جادة نحو تحقيق اكتفاء ذاتي بنسبة 50% من زيوت الطعام. لتحقيق هذه الرؤية، تنطلق مجموعة من المبادرات تشمل
- توسيع المساحات المزروعة بالمحاصيل الزيتية المختلفة مثل دوار الشمس وفول الصويا.
- إنشاء عدة مجمعات صناعية متخصصة في إنتاج الزيوت بالتعاون مع القطاع الخاص في مناطق استراتيجية مثل برج العرب وسوهاج ومدينة السادات.
- خطط وزارة التموين والتجارة الداخلية لإنشاء خمس شركات جديدة في مجال إنتاج الزيوت بالتعاون مع المستثمرين.
- تشجيع الزراعة التعاقدية وتوفير تقاوي محسنة وفعالة تعزز من الإنتاجية.
- فتح أبواب الاستثمار المحلي والأجنبي، والاستفادة من التجارب الناجحة لدول مثل ماليزيا.
تعتبر الضرائب والرسوم الجمركية من العوامل التي تؤثر سلبًا على أسعار زيوت الطعام أيضًا. إذ يُعفى الزيت النباتي الخام من ضريبة القيمة المضافة، بينما تتعرض الزيوت المصنعة لنسبة ضريبة تصل إلى 14%، مما يزيد من تكلفة المنتج النهائي للمستهلك.
خطوات فعالة للنهوض بزراعة المحاصيل الزيتية
أصدر مركز بحوث الصحراء تقريرًا يحدد الشروط اللازمة لتطوير زراعة المحاصيل الزيتية. ومن بين هذه الشروط
- زيادة زراعة محاصيل فول الصويا ودوار الشمس، خاصة في الأراضي الجديدة نظرًا لتقلص المساحات المزروعة داخل وادي النيل.
- تعزيز نظام الزراعة التعاقدية لتشجيع المنتجات الزيتية، نظرًا لأنها تعتبر ذات طبيعة تصنيعية.
- تطوير زراعة أصناف المحاصيل التي تتميز بإنتاجية عالية ومحتوى عالٍ من الزيت.
- التوافق بين المواصفات المطلوبة للمحاصيل والمواصفات المرتبطة بالتصنيع.
- استخدام جميع واردات البذور الزيتية في مصانع استخراج الزيوت للاستفادة القصوى من الفوائد الاقتصادية.
- تعزيز ثقافة ترشيد الاستهلاك وزيادة الوعي بطرق تقليل الفاقد من الزيوت.
- استخدام أدوات الاتصال الفعالة مع المزارعين لإعلامهم بالمحاصيل الجديدة ذات الإنتاجية المرتفعة.
- وضع استراتيجية قومية واضحة تهدف إلى زراعة وتطوير محاصيل زيتية جديدة مثل الكانولا والقرطم والكتان لسد الفجوة المسجلة في القطاع.
في النهاية، يتطلب النهوض بقطاع زراعة المحاصيل الزيتية في مصر استراتيجية شاملة ورؤية واضحة. تعزيز الإنتاج المحلي وأهمية الاكتفاء الذاتي يتطلبان تعاون جميع الأطراف ذات العلاقة. من خلال الاستثمارات والتطوير المستدام، يمكن لمصر أن تتحقق من تنمية هذا القطاع الحيوي لتلبية احتياجات سكانها في المستقبل.
تظل زيوت الطعام من أهم الاحتياجات الغذائية للمصريين، لذا يعد تطوير زراعة المحاصيل الزيتية أمرًا حيويًا. يجب أن يتحقق التعاون بين الدولة والمزارعين لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق توازن فعّال في السوق. تطبيق الاستراتيجيات المناسبة سيكون له تأثير إيجابي على الاقتصاد المصري ويعزز من قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية في هذا المجال.
