معلومات دافعي الضرائب تعتبر سرية وحساسة، وتمتلك دائرة الإيرادات الداخلية ومصلحة الضرائب حول العالم أنظمة سرية تتعقب وصول الموظفين الى هذه المعلومات، وتفرض عقوبات قانونية على من يكشف أيا منها بحسب وول ستريت جونال، لكن بين الحين والاخر تتسرب سجلات خاصة تكشف الفضائح حول هذا الموضوع من أشهرهم التقرير الذي نشره موقع “برو بابليكا” الإخباري في عام 2021، فاضحا أكثر من خمسة عشر عاما من بيانات الإيرادات الداخلية والضرائب لأثرياء العالم، الأمر الذي دفع السلطت الأمريكية الى فتح تحقيق .
وبحسب التقرير فإن هؤلاء الأثرياء يستطيعون تقليص فواتير ضرائبهم إلى مبالغ تصل نسبيا الى لا شيء، ووفقا لـ”فوربس” إرتفعت قيمة أغنى خمسة وعشرين شخصا في العالم إلى 401 مليار دولار ما عام 2014 إلى عام 2018، بينما دفعوا نحو 13 ملياردولار من ضرائب الدخل في تلك السنوات، ما يساوي 3% فقط من أرباحهم.
كيف يتهرب الاثرياء من الضرائب? هناك طريقتان شهيرتان تفرض الحكومة ضرائب الدخل على المال المكتسب من الرواتب أو مكاسب رأس المال من الإستثمارات وغيرها من الارباح، لكن ماذا عن الاسهم? لو أخذنا على سبيل المثال “جيف بيسوس” فقد شارك في تأسيس شركة أمازون في أوائل التسعينيات، ويمتلك 10% من حصة الشركة، وأتت غالبية ثروته البالغة نحو 170 مليار دولار من هذه الأسهم وبهذا يتفادى دفع الضرائب على معظم ثروته، لأن الأسهم لا تحتسب على أنها دخل ولا تخضع للضريبة مهما إرتفعت قيمتها إلا عند بيعها وتقييم الربح.
وفي حال احتاج الثرياء إلى الكثير من السيولة النقدية لتمويل أنفسهم، يلجأ البعض منهم لتحويل الأسهم إلى سيولة دون الإضطرار إلى بيعها، فبيع الأسهم يعني دفع ضريبة أرباح رأس المال، لكن معظم الأثرياء يلجأون لاستراتيجية الاقتراض من البنوك مع رهن الأسهم كضمانة سعر فائدة القرض، وبهذا يحصلون على المال المطلوب مقابل سداد الدين مع فوائد منخفضة، بدلا من دفع الضرائب على الأرباح من بيع الأسهم .
منذ عهد الرئيس الامريكي بيل كلينتون تتجدد الوعود لمنع التهرب من الضرائب، لكن مع إنتهاء كل عهد تزداد قدرة الأثرياء على التهرب ببساطة، لأن معظم هذه الأساليب قانونية تماما، ومن المستحيل إثبات أو المحاسبة على نية التلاعب، الأمر يستلوم تغييرات تشريعية جذرية .
أعلنت الحكومة الأمريكية الحالية أنها تخطط لتطبيقها لسد الثغرات القانونية التي يستخدمها الأثرياء، لكن بعكس المواطنين العاديين يتمتع فاحشو الثراء بقدرة التأثير على القانون، فلديهم جيوش من المحامين وجماعات الضغط الذين يعرفون التشريعات والقوانين، ويستطيعون الطعن في مصلحة الضرائب .
يتمركز نحو 25% من أغنياء العالم في الولايات المتحدة الأمريكية، أي بمعدل 680 مليارديرا من إجمالي 2720 على مستوى العالم، على رأسهم “بيزوس” مؤسس أمازون بثروة، ومن بعده المنافس الأشرس له على قائمة أغنياء العالم “بيل جيتس” مؤسس مايكروسوفت بثروة قدرها 106 مليار دولار، هؤلاء تقدر ثرواتهم بثلاثة تريليون مليار دولار، ورغم ذلك يتهربون من الضرائب .
تقدر نسبة دخل الإقتصاد الأمريكي من الضرائب 30% لكي يستطيع تحسين مستوى الفقراء، بحسب المؤشرات هناك 41 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر في أمريكا، رغم ذلك القانون لا يعفيهم فلكل دخل نسبة ضريبية، من هنا طالب جيتس بزيادة الضرائب على الأغنياء دون الفقراء، بينما التزم أثرياء أمريكا بالصمت .