يتساءل البعض عن كيفية الاستثمار في البورصة والدخول في عمليات التداول في سوق الأسهم بأسهل الطرق. وفي موضوعنا الحالي سنشرح ذلك بأسهل طرق الشرح فتابعونا. وتذكر حينما ترغب في شراء الخضروات فأنت تذهب إلى السوق لتشتري من محال الخضار، وإذا ما تريد أن تشتري الخشب تذهب إلى المنطقة التي بها الأخشاب والأثاث. وبهذا هناك سوق مخصص لكل سلعة في العادة. وفي جميع تلك الأسواق يتقابل فيها البائعون مع المشترين، ويتفاعلوا ويتم بينهم تعاملات.
وهكذا الأمر في سوق الأسهم أو البورصة أو سوق الأوراق المالية فهو سوق مخصصة لتداول أو بيع وشراء أدوات مالية مختلفة مثل الأسهم وسندات الشركات، والمشتقات وغيرها.. إلخ وسنوضح كل ذلك الآن.
كيف تصل أسهم الشركات إلى البورصة؟ يعني صاحب الشركة أو رئيس مجلس الإدارة يذهب إلى البورصة ليبيع الأسهم بكل هذه السهولة؟ ولماذا الشركات تطرح نفسه في البورصة ؟ ما الهدف؟
الإجابة: أي شركة عملاقة بدأت الآن بدأت صغيرة، فلا توجد شركة كبيرة ولدت بحجمها الكبير الموجود الآن. ومعروف أن جاك ما، مؤسس موقع علي بابا التجاري، بدأ مع 17 شاب من شقته في مدينة هانتشغو في مقاطعة تشينغ يانغ الصينية عام 1999. ومارك زوكربيرج أسس موقع ( فيسبوك ) من غرفته الجامعية في جامعة هارفارد عام 2004. وغيرهم من عملاقة الشركات الذين بدءوا صغار.
الفكرة أن النمو للشركات الصغيرة بالسرعة الكبيرة يتطلب الوصول إلى كمية هائلة من رأس المال حتى تنتقل الشركة من خانة الشركات الصغيرة ذات الحجم العملي القليل إلى شركة ضخمة تدير عمليات كبيرة. تحتاج مبالغ كبيرة من رأس المال. لتستأجر مكتب كبير وتستقطب موظفين أكفاء، وتشتري معدات وتنشيء شبكة موزعين.
الشركة الناشئة لتجميع رأس المال الكبير هذا أمامها طريقين:
(1) إقتراض الأموال من البنوك، ولكن الاقتراض هنا يمكن أن يمثل مشكلة لعدم امتلاك الشركة الصغيرة أصولًا كافية تستطيع الاقتراض بضمانها وبالذات في قطاعات التكنولوجية لأن الأصول غالبًا لا تكون ملموسة. والمشكلة الثانية أنه على القرض سيفرض عبء مالي لا تستطيع الشركة تحمله في البداية لعدم امتلاك تدفق نقدي قوي لا إيرادات ولا أرباح.
(2) طرح الشركة في البورصة وجمع التمويل من بيع أسهمها. وهذا الطريق الذي تفضله معظم الشركات الناشئة التي تحتاج رأس المال الكبير. وطبعًا هنا نتحدث عن مرحلة ما بعد الإنطلاق والتشغيل الفعلي لفترة من الزمان. وليس شخص أنشأ شركة أمس ويرغب في طرحها في البورصة اليوم. لأن هناك شروط ومتطلبات كثيرة للإدراج في البورصة.
فمثلًا لو في الولايات المتحدة الأمريكية في بورصة نيويورك وناسداك الموضوع يكون طويل ومرهق لأن الشركة لابد أن توفر إيداعات مالية تفصيلية التي تلبي لوائح لجنة الأوراق المالية والبورصات. وهناك مراحل طبيعي يمر عليها حتى يحصل على الأموال حيث يدفع من مدخراته الشخصية، ويقترض من الأصدقاء والعائلة، ومع توسع الأعمال ونجاح الفكرة يلجأ إلى المستثمرين الملائكة، وشركات رأس المال الاستثمارية.
كيف تشتري سبيكة ذهب وتفرق بين الأصلية والمغشوشة للاستثمار الناجح
ولنفترض أن الشركة مرت بهذه المراحل وأثبتت نفسها. لأن الشركات في البداية من الطبيعي أن يستنزفوا الكثير من الأموال للانطلاق مثل الصاروخ الذي ينطلق للفضاء، يحتاج وقود للاحتراق ويدفعه للفضاء. فالشركات تستطيع تجميع الأموال وتوسيع أعمالها عن طريق بيع أسهمها للجمهور ومن خلال الاكتتاب العام الأولي في أي بورصة من البورصات وهذا يعني أن الشركة تنقسم إلى عدد من الأسهم مثلًا 20 مليون سهم. وغالبًا تبيع جزء من الأسهم وليست كلها ويستطيعوا بعد ذلك بيع جزء ثاني.
مثلًا لنفترض أن الشركة ستبيع الربع 5 ملايين سهم لعامة الناس بسعر 10 دولار لكل سهم. يعني بهذا القدر يستطيعوا جمع 50 مليون دولار لو هناك إقبال من المستثمرين عليها. وفي المقابل ربع الشركة يكون ملك للمساهمين الذين اشتروا هذه الأسهم.
فمعنى أنك كفرد اشتريت سهم في شركة فأنت تمتلك حصة ملكية فيها، بمقدار حصة الأسهم من جميع أسهم الشركة. يعني لو اشتريت الـ 5 مليون سهم من العشرين مليون سهم فأنت بهذه الطريقة تمتلك ربع الشركة.
السوق الأولي والثانوي للاكتتاب في البورصة
اكتتاب الشركات يتم في السوق اسمه السوق الأولي أو الأساسي والتعامل فيها يكون بين الشركة كبائع لأسهمها وبين المستثمرين الذين سيعتبروا أول أشخاص يحملوا السهم لهذه الشركة. وحينما يحدث الاكتتاب تنتقل الأسهم إلى سوق ثانوي وهذا من خلاله يمكن الفرد بيع الأسهم مرة أخرى. ويحصل تداول بين المستثمرين سواء بيع أو شراء على السهم وسعر السهم وقتها يخضع للعرض والطلب. فلو كان عليه طلب كبير من المستثمرين سعره سيرتفع والعكس صحيح.
ما الفائدة التي ستعود عليك من الاستثمار في البورصة كفرد ؟
العديد من الدراسات التي أجريت في الدول الأجنبية أظهرت أنه على مدى فترات طويلة من الزمان، ولدت الأسهم عوائد استثمارية أكبر من أي فئة أصول أخرى. يعني أن الأسهم حققت أرباح أكبر من أي استثمارات أخرى.
عوائد الأسهم تأتي من خلال طريقين:
(1) توزيعات الأرباح: لما تحقق الشركات أرباح تقوم بتوزيعها على المستثمرين، لما الشركات تحقق أرباح فمجلس الإدارة كل عام يقرر توزيع أرباح وفقًا لإيراداته وربحية الشركة، وتوزيعات الأرباح أصبحت عنصر مهم في عائدات الأسهم، فمن عام 1956 ساهمت توزيعات الأرباح بثلث إجمالي عائدات الأسهم في مؤشر ستاندرد أند بورز 500 وهو مؤشر نعرف منه إتجاه سوق الأسهم بشكل عام في الولايات المتحدة الأمريكية، لأنه يتتبع آداء الأسهم لـ أكبر 500 شركة في الولايات المتحدة، ويعتبر أكبر مؤشر لقياس سوق الأسهم.
(2) الأرباح الرأسمالية: يعني حينما نبيع السهم بسعر أعلى من السعر الذي اشتريناه به. فمثلًا اشتريت 100 سهم من شركة نيتفلكس من سنة بالضبط يعني مايو 2019 كان سعر السهم وقتها 350 دولار يعني دفعت 3500 دولار واحتفظت بالسهم لمدة سنة، وبعد سنة وبعته وصل سعره 440 دولار يعني بعت الـ 100 سهم بـ 4400 دولار يعني كسبت في الـ 100 سهم خلال عام 900 دولار، وهذه هي الأرباح الرأسمالية التي تحدثنا عنها. بالإضافة لهذا كل عام في أي سنة شركة نيتفليكس توزع أرباح والعام الماضي لم توزع أرباح بخلاف شركات أخرى مثل شركة آبل وزعت العام الماضي 2019 حوالي 14 مليار دولار توزيعات أرباح على المساهمين بواقع 77 سنت لكل سهم، ووزعت شركة مايكروسوفت 14 مليار دولار أيضًا على المساهمين.
وبالتالي شراء الأسهم يمكن أن توزع الشركة أرباح وعلى أمل أن قيمة أسهمها تنمو والسعر يزيد، وهذا يحدث حينما يكون آداء الشركة قوي وهناك العديد من الفرص للنمو في المستقبل، وممكن العكس يحدث حينما تشتري السهم ثم سعره ينخفض لمشاكل ما في الإدارة أو ظروف قهرية حدثت للشركة مثل الكوارث الطبيعية. وهذا حدث مع فيروس كورونا في البورصات.
أنواع الأسهم الصادرة عن الشركات في البورصة
(1) الأسهم العادية : حجمها أكبر بكثير في التداول من الأسهم المفضلة، وأي كلام يكون عن الأسهم غالبًا يكون الأسهم العادية إلا لو تم ذكر أنها أسهم مفضّلة. ومالكي الاسهم العادية لهم الحق في التصويت في أي شأن متعلق بمجلس إدارة الشركة وقرارات الشركة المهمة مثل انتخاب مجلس الإدراة، وتعيين المراجعين للحسابات، وطبعًا على حسب عدد الأسهم، وغالبًا لكل سهم صوت، ولكن هناك شركات تميز أسهم عن بعضها في التصويت: حيث يقولون أن الأسهم من الفئة ( أ ) كل سهم فيهم له 10 أصوات بخلاف الـفئة ( ب) لهم صوت واحد.
(2) والأسهم المفضلة الممتازة: ليس لديها حقوق تصويت، ومفضلة لأنهم يحصلوا على توزيعات أرباح بشكل منتظم وبالتالي أرباحهم مضمونة، بخلاف مالكي الأسهم العادية الذين يمكن يحصلوا على توزيع أرباح أو لا وفق قرارات مجلس الإدارة، وحتى لو حصلوا فتكون أرباحهم أقل من أرباح الأسهم المفضلة، ومصلحة مالكي الأسهم المفضلة لها الأسبقية على مصلحة المساهمين العاديين في حالة دخول الشركة في التصفية. يعني لو شركة ستعلن إفلاسها أو ستصفي أصولها فلهم الحق في المطالبة في أصول الشركة مع الدائنين بخلاف أصحاب الأسهم العادية. والأسهم المفضلة لا تميل إلى الارتفاع أو الانخفاض في الأسعار بشكل حاد مثل الأسهم العادية لأن المستثمرين الذين يشترونها يركزوا على الأرباح الثابتة التي يحصلوا عليها بدلًا من التركيز على نمو السهم نفسه وبالتالي الحركة عليه تكون قليلة.
كيف تستثمر في البورصة بعد شراءك الأسهم؟
لابد أن تحدد الغرض من التداول في البورصة يعني ياترى ترغب في الشراء والبيع يوميًا، أم تفعل ذلك أسبوعيًا. أم ترغب في شراء الأسهم والاحتفاظ بها على المدى الطويل.
ولهذا لابد من معرفة اللاعبين الأساسيين في البورصة. وفي كل الأحوال غالبًا يجب أن تتعامل مع وسيط في البورصة الذي ينفذ نيابة عنك ويكون حلقة الوصل بينك وبين إدارة البورصة. واللاعبون الأساسيون مثل المضاربين والتجار والمتحوطين والمستثمرين وصناع السوق وكلهم يشاركوا في البورصة بأدوار ووظائف مختلفة.
اللاعبون الأساسيون في البورصات المالية
(1) المضاربون: وهم الذين يبيعون ويشترون طوال الوقت وينفذوا عشرات ومئات الصفقات في اليوم الواحد.
(2) التجار: وهم المنفذين لصفقات من يوم لعدة أسابيع.
(3) المتحوطين: وهم المتداولين للمشتقات للتخفيف من المخاطر على استثماراتهم، يعني مثلًا شركات طيران تدخل في أوقات انخفاض أسعار النفط وتتداول العقود الآجلة بحيث لو ارتفع سعر البترول في المستقبل، فهم أمنوا أنفسهم. فالبورصة أو سوق الأوراق المالية بها أدوات مالية كثيرة ليست الأسهم فقط والمتحوطين يدخلوا على المشتقات البترولية لتأمين استثماراتهم.
(4) المستثمرون: وهم مشترون الأسهم والمحتفظون بها لسنوات.
(5) صناع السوق: وهم تجار ووسطاء يسهلون تداول الأسهم عن طريق توفير السيولة الموجودة في السوق. وبالنسبة لأغلب الناس الذين يمتلكون عمل ولديهم مبالغ للاستثمار بدون أي مشاكل. أي تشتغل فلوسهم عندهم.