الحرب الكيميائية هي حرب يتم فيها استخدام الخصائص السامة للمواد الكيميائية كسلاح. وهي بذلك تختلف عن الحرب النووية والحرب البيولوجية التي تستخدم البكتيريا والفيروسات وحتى الطحالب كنوع من السلاح المميت فيها ، كما بتم تصنيف الحرب النووية والبيولوجية تحت الحرب الكيماوية البيولوجية الإشعاعية، وهذه الأسلحة الثلاثة تشكل ما يعرف “أسلحة الدمار الشامل”. فهي ليست أسلحة تقليدية بسبب فعاليتها و قدرتها التدميرية المحتملة. ولعلّ أكثرها استخداماً هي الأسلحة الكيميائية
الحرب الكيميائية لا تعتمد على قوة التفجير، لكنها تعتمد على الخصائص الفريدة للمركب الكيميائي المستخدم كسلاح، ويتم تصميم هذا المركب أو العامل لإصابة أو شل حركة العدو، أويتم استخدامه على نطاق أوسع في ارض جغرافية معادية محددة. بالإضافة إلى إمكانية استخدامه على المزروعات أو الماشية وذلك لتحفيز إحساسها بالجوع حتى تموت جوعاً، ولكن يمكن التغلب على التأثيرات الأولية للأسلحة الكيميائية إذا تم استخدام معدات الحماية المناسبة و التدريب واتخاذ إجراءات إزالة التلوث.
ويعد هذا النوع من الأسلحة من أكثر واشد الأسلحة فتكاً، وبدأ استخدامها الى عصر ما قبل الميلاد عندما كانت الجيوش تقوم بتسميم الرماح والأسهم، وتصنف الأسلحة الكيميائية إلى مجموعتين أساسيتين هي:
المجموعة الأولى : الأسلحة القاتلة
و تهدف هذه المجموعة إلى الوفاة ويتم تقسيمها ألي مجموعات أيضاً طبقاً لمنطقة تأثيرها ونوعها فمنها ما يؤثر على الدم (كسيانيد الهيدروجين) ومنها ما يكون تأثيره على الجلد (كالكبريت والنتروجين) ومنها ما يستهدف الأعصاب ( كغاز السارين) ومنها ما يصيب الرئة (كغاز الكلورين)، وجميع الأنواع السابقة تهدف إلى شيء واحد وهو قتل البشر رغم اختلافها .
المجموعة الثانية : الأسلحة التعجيزية
وهي الغازات الكيميائية التي تم إنتاجها لتعمل على شلّ حركة جسم الإنسان وتعجيزه كالغازات الحارقة أو الغازات المسيّلة للدموع أوالغاز المُنوم أو أنواع أخرى.
وسوف نتحدث اليوم عن اشهر 5 أنواع فقط من أصل 40 نوعاً وربما اكثر، إلا أن هذه الأنواع الخمسُ تتميز بانها من المجموعة الأولى أي إنها مُميتة وسبق وتم استخدامها على البشر من قبل:
غاز السارين – Sarin
عبارة عن غاز ليس له رائحة ولا طعم أو لون، تم اكتشافه عن طريق الصدفة في ألمانيا عام 1938 كمبيد حشري في شركة “أي جي فاربن” في صورة سائلة إلا أنه يتحوّل إلى الحالة الغازية بمجرد أطلاقة في الهواء ويُعرف باسم GB أيضاً، وقد استمد هذا الغاز اسمه من الأحرف الأولى من أسماء مخترعيه: شرادر، أمبروس، روديغر وفان در ليندي.
تم تصنيف هذا الغاز كغاز أعصاب قاتل مهما بلغت نسبة تركيزه القليلة إلا انه يسبب الموت بعد استنشاقه بسبب الاختناق و في مدة زمنية تتراوح بين دقيقة إلى عشر دقائق، نظراً لعمل الغاز على شلّ عضلات الرئتين و فشل الجهاز التنفسيّ ما لم يتم حقن المصاب في الدقائق الأولى بمُضاد للسُم، و قد يسبب الغاز ضرراً دائماً للجهاز العصبي في حالة التعرض لجرعة قليلة جداً وعدم أخذ المضاد .
تم تصنيف هذا الغاز كأحد أسلحة الدمار الشامل من قبل منظمة الأمم المتحدة كما تم حظره في عام 1993 من قبل منظمة CWC (منظمة حظر الأسلحة الكيميائية) . اُستخدم هذا الغاز بعض الدول مثل : ألمانيا، الاتحاد السوفيتي و حلف الناتو و الولايات المتحدة الأمريكية و العراق .
الرايسين – Ricin
ويٌستخرج هذا المركب من نبات زيت الخروع، وكلنا يعلم استخدام زيت الخروع في صناعة الدواء والغذاء وفي الصناعات الأخرى ولكن هذا المركب القاتل يتم استخراجه من نفس النبتة أيضاً، فبِضع حُبيبات من هذا المركب بحجم حبيبات الرمل يمكنها قتل إنسان من خلال منع تكوين البروتين في الخلايا مما يعني حدوث الوفاة في مدة تتراوح بين ثلاثة إلى خمسة أيام .
وقامت بعض الدول باستخدام هذا المركب أو حاولت استخدامه أثناء الحرب العالمية الأولى والثانية وهي كندا و الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وفي عام 1972 وعام 1997 تم حظر هذا المركب دولياً ولكن إنتاجه مازال مستمراً حتّى الآن.
غاز الكبريت – sulfur mustard
تم تطوير غاز الكبريت أو الخردل عام 1916 لصالح الجيش الألماني و يتميز بأنه من الغازات التي تتميز برائحة كالثوم أو الخردل وهذا سبب تسميته كما إن لونه أصفر خفيف، ويعد من الغازات السامّة أيضاً عند استنشاقه أو ابتلاعه أو عند ملامسته الجلد أو العينين فهو يسبب حروق بالغة للرئتين و لجلد والعينين، كما يتميّز بأنه يبقى في مكان إطلاقه فترة طويلة مع التصاقه بالملابس والمعدات لبضعة أيام مع إصابة كل من يلامسها.
ومن الدول التي استخدمت هذا الغاز هي: ألمانيا، فرنسا، أسبانيا، إيطاليا، بريطانيا و الاتحاد السوفيتي، مصر، واليابان و العراق والسودان.
العميل 15 – Agent 15
وهو الاسم الشهير لمركب 3-quinuclidinyl benzilate كما أن هناك أسماء شائعة أخرى هي BZ أو Buzz ويعد أحد أقوى غازات الأعصاب التي لا أثر لها، فكِمية صغيرة من هذا الغاز عند استنشاقه أو ابتلاعه أو لمسه للجلد تسبب عجزاً كاملاً حيث تبدأ الأعراض بالارتباك ثم الرجفة أو الارتعاش ثم الذهول ثم الهلوسة تليها الغيبوبة وذلك بعد ساعة من دخوله الجسم.
غاز الكلور – Chlorine
يعد احد الغازات التي يعود تاريخ استخدامها إلى 100 عام فقد بدأت ألمانيا استخدامه في الحرب العالمية الأولى بالإضافة إلى أن هناك ادعاءات انه تم استخدامه في الحرب في العراق وسوريا، كما يعد أحد أسهل أنواع الغازات في الحصول عليه نظراً لاستخداماته الكثيرة كتحلية المياه إلا أن استخدامه قد قل بسبب استخدام و توفر أنواع الغازات الأخرى الكثيرة كما يسبب هذا الغاز الاختناق ثم الموت عند استنشاقه.