لماذا يهاجر المصريون؟ وما أهم الدول الداعمة للهجرة؟

لماذا يهاجر المصريون؟ وما أهم الدول الداعمة للهجرة؟

مع تزايد أعداد المهاجرين المصريين بشكل شرعى، يتزايد الحديث عن مستقبل الدولة في ظل تواجد أكثر من ١٠ مليون مصري بالخارج، مما يعيد للذاكرة الحديث عن موجات الهجرة الجماعية الإجبارية التى اتبعتها الدولة العثمانية بقيادة السلاطين العثمانيين مع مصر والتى نتج عنها افراغ مصر من كل المواهب والعمالة المهرة وكبار التجار، وترك فيها كل من هم أقل كفاءة وعلمًا والأدنى نسبًا، فازدهرت الحضارة التركية ودخلت مصر في مسلسل من الانحدار والجهل والفقر منذ قرابة ١٠٠ عام أو يزيد.

الآن ينظر الشباب المصري من أصحاب التخصصات النادرة والحيوية والتي لا غني عنها للدولة للتقدم بالإضافة إلى العمالة الفنية فى مصر والتى تعد عَصّب الحياة اليومية هى الأخرى بدأت في نوبات الهجرة الجماعية لدوافع اقتصادية في المقام الأول وتحسين مستوى المعيشة في المقام الثاني، وهو ما ينتج عنه عملية افراغ ثانية لا يعرف مداها أو تأثيراتها علي الحياة الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن كل مهاجر تتبعه عائلته الصغيرة ومن ثم العائلة الكبيرة بالتدريج والأولوية تكون للتخصصّات والمهارات النادرة أو المتميزين علميا أو ماليًا حسب اشتراطات دول المهجر والتى تتصدرها الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وأستراليا ونيوزيلندا وبريطانيا وتركيا وقطر بخلاف ايطاليا وفرنسا واليونان لقربهم نسبيًا من الحدود البحرية المصرية.

موجات الهجرة لهذه الدول لها شروط عديدة لمنح المتقدم تأشيرة العبور لبوابة الهجرة والتى يحصل بعدها علي جنسية الدول ويحق له وقتها التنازل عن الجنسية المصرية نهائيًّا أو الاحتفاظ بها، وليس غريبًا استمرار موجات الهجرة المصرية إلى إسرائيل رغم الخلافات الشعبية والسياسية والعسكرية بل والدينية أيضًا لكن كل ذلك لم يمنع آلاف المصريين من عبور الحدود عبر بوابة الأردن متجهين إلى إسرائيل ورغم أنهم أصبحوا منبوذين من دخول مصر لأسباب أمنية واستراتيجية إلا أن أهلهم يرونهم مجرد عاملين في الخارج وذلك بعد أن تجاوزوا الصدمة التاريخية في العلاقات بين البلدين.

أعُلن مؤخرًا أن تركيا أقرضت صندوق النقد الدولى ٥ مليارات دولار بينما مصر تستدين من صندوق النقد نفسه ١٢ مليار دولار بشروط مجحفة أبرزها رفع الدعم عن الفقراء بحجة أنه يذهب لغير مستحقيه ودعم رجال الأعمال من أصحاب المصانع والمستوردين بحجة أنهم عماد الاقتصاد الوطنى، مرورًا بتطبيق قانون القيمة المُضافة علي كافة السلع والخدمات دون استثناء وليس كما يروج أن سلعًا تم إعفاءها، كذلك فتح الأسواق التجارية للمنتجات المنافسة للبدائل المحلية المتواضعة في الجودة ما يجعلها غير قادرة علي المنافسة وتسقط في قاع الإفلاس، بالإضافة إلى المرونة في سعر الصرف والذي يعنى تركه لحالة العرض والطلب والتى تعد متدنية وبالتالي تزيد خسائر الاقتصاد ويضطر المواطنون الأصليون للرحيل عن الوطن في عدة أشكال للهجرة لأسباب اقتصادية أو علمية إذ يتناسب مستوى الدخل طرديًا مع مستوى التعليم فكلما زاد أحدهما زاد الأخر والعكس صحيح، فظهرت دول المهجر والتى يغلب عليها النطق بإحدى اللغتين الانجليزية أو الفرنسية.

وما لا يخفي علي أحد أن من يضع توصيات صندوق النقد لبرامج الإصلاح للدول هى الدول الممولة له في إطار تحركات معروفة بروتوكوليًا، وهى نفس الدول بالمناسبة التى يهاجر إليها المصريين ما يعيد للأذهان الهجرة الجبرية التى شهدتها مصر من قبل في ظل الحكم التركى العثماني، ما ينتج عنه تفريغ للدولة من الكوادر القادرة علي اثراء المجتمع والاقتصاد والسياسة بالأفكار للنهوض مصر أخرى.