ليلة النصف من شعبان.. «مناسبتها.. فضائلها.. أحب الأدعية والعبادات فيها وطرق إحيائها.. وحكم الاحتفال بها»

ليلة النصف من شعبان.. «مناسبتها.. فضائلها.. أحب الأدعية والعبادات فيها وطرق إحيائها.. وحكم الاحتفال بها»

ليلة النصف من شعبان، يتقرب المسلمون في كافة بقاع الأرض إلى الله سبحانه وتعالى في جميع الأوقات، لكن تعتبر المناسبات الدينية فرصة ثمينة يعيش خلال المسلمون في جميع أنحاء العالم اللحظات الروحانية المليئة بذكر الله سبحانه وتعالى، متذكرين فضائل هذه المناسبات في التقرب إلى الله تعالى، كما أنها تعتبر باباً يفتح خلاله الله لعباده فرصة لطاعته وطلب المغفرة منه.

ليله النصف من شعبان، أحد أهم الليالي العظيمة التي يحتفل بها المسلمين ويتقربون خلالها إلى الله سبحانه وتعالى، متذكرين فضائلها، فما مناسبة ليلة النصف من شعبان، وما هي أحب الأدعية والعبادات في ليلة النصف من شعبان، وما حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان، كل ذلك ورد بالسنة النبوية الشريفة، بالأحاديث الصحيحة.

>> موعد ليلة النصف من شعبان:

ليلة النصف من شعبان هي الليلة التي تسبق لليوم الـ15 من شعبان في كل عام هجري، وثبتت مناسبة ليلة النصف من شعبان بالأحاديث النبوية التي تحدثت عن أهميتها وفضائلها وطرق إحيائها.

تحمل ليلة النصف من شعبان عدداً من الأسماء التي أُخذت من فضلها وأهميتها، وأبرز الأسماء المتعارَف عليها لليلة النصف من شعبان: (ليلة البراءة، ليلة الشفاعة، ليلة الغفران، ليلة العتق من النيران، الليلة المباركة).

>> مناسبة ليلة النصف من شعبان:

ارتبطت مناسبة ليلة النصف من شعبان بتحويل القبلة، حيث فيها تم تغيير قبلة المسلمين من “بيت المقدس” الأقصى الشريف، إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، وتم ذلك في ليلة النصف من شعبان، وحسبما ذكر عدد من المؤرخين كان ذلك في 623 نوفمبر.

حيث استجاب الله سبحانه وتعالى دعاء نبيه الكريم، بتحويل قبلة الصلاة من الأقصى إلى الحرم المكي، فأنزل سبحانه على محمد “صلَّ الله عليه وسلم” يبشره:

“قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ”.. البقرة 144

>> فضائل ليلة النصف من شعبان:

جاء في فضل ليلة النصف من شعبان أحاديث نبوية عديدة، منها ما هو صحيحاً ومنها ما هو حسن، ومنها ضعيف، إلاّ أن كافة الأحاديث أجمعت على فضائل ليلة النصف من شعبان، بأنها ليلة استجابة الدعاء والغفران.

حيث ورد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلَّ الله عليه وسلم:

“يطلع الله على عباده ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه، إلا لمشرك أو مشاحن”

كما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن الرسول صلَّ الله عيله وسلم قال:

“إن الله تعالى ينزل ليلة النصف من شعبان إلى سماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب”.. رواه أحمد والترمذي وابن ماجه.

هذا ومعنى نزول الله سبحانه وتعالى إلى سماء الدنيا، هو نزول رحمته ونوره على عباده في هذه الليله لاستجابة دعواتهم، وغفران ذلاتهم وأخطائهم، وقد ذُكِر “شعر الكلب” في الحديث لأنه لم يكن عند العرب آنذاك أكثر منهم، ويدل ذلك على كثرة المغفرة.

>> أحب الأدعية والعبادات في ليلة النصف من شعبان وطرق إحيائها:

ورد عن فضل الدعاء في ليلة النصف من شعبان أحاديث كثيرة، فعن عائشة رضي الله عنها، بأن الرسول صلَّ الله عليه وسلم قال:

وللدعاء في هذه الليلة فضله، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلي الله عليه وسلم:

“أتاني جبريل -عليه السلام- فقال: هذه الليلة ليلة النصف من شعبان، ولله فيها عتقاء من النار بعدد شعور غنم بني كلب، لا ينظر الله فيها إلى مشرك ولا إلى مشاحن، ولا إلى قاطع رحم، ولا إلى مسبل، ولا إلى عاق لوالديه، ولا إلى مدمن خمر قالت: فسجد ليلاً طويلاً وسمعته يقول في سجوده: أعوذ بعفوك من عقابك وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بك منك، جل وجهك، لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك.. قالت: فلما أصبح ذكرتهن له، فقال: يا عائشة تعلمتهن؟ فقلت: نعم فقال: تعلميهن وعلميهن، فإن جبريل عليه السلام علمنيهن وأمرني أن أرددهن في السجود” رواه البيهقي في شعب الإيمان.

هذا وقد ورد عن الرسول صلَّ الله عليه وسلم دعاءً آخر في تلك الليلة، كما ورد عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: ما دعا قط عبد بهذه الدعوات إلى وسَّع الله عليه في معيشته:

“يا ذا المن فلا يمن عليه يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا الطول والإنعام لا إله إلا أنت ظهر اللاجئين وجار المستجيرين ومأمن الخائفين، إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقياً فامح عني اسم الشقاء واثبتني عندك سعيداً موفقا للخير، وإن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب محروماً أو فقتراً علي في الرزق فامح حرماني ويسر رزقي واثبتني عندك سعيداً موفقاً للخير، فإنك تقول في كتابك الذي أنزلت: يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب” رواه ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي الدنيا في الدعاء، والسيوطي في الدر المنثور والطبري وأبونعيم.

ومن الأعمال المحببة إلى الله سبحانه وتعالى التي يتقرب خلالها المسلمين إلى الله، الصلاة وقيام الليل، وكثرة الدعاء، والعفو عن الناس.

>> حكم الاحتفال بليلة النصف من شعبان:

ورد عن دار الإفتاء المصرية بأن الأحاديث الواردة عن النبي محمد صلَّ الله عليه وسلم، تشير إلى الترغيب بإحياء هذه الليلة، مستندة بقوله عليه الصلاة والسلام:

«إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: أَلاَ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ، أَلاَ مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ، أَلاَ مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ، أَلاَ كَذَا أَلاَ كَذَا، حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ»، أخرجه ابن ماجه.

وبهذا فقد أجازت دار الإفتاء المصرية إحياء ليلة النصف من شعبان بالعبادات، بشرط عدم تخصيص هذه الأدعية في ليلة النصف من شعبان دوناً عن باقي الليالي، حتى لا تُعّد بِدعة، مثل زيارة القبور التي اعتد بعض الأشخاص على اتباعها تحديداً في هذا اليوم، وأجمعت الآراء بأنها إحدى البدع المستحدثة في ليلة النصف من شعبان.